كواليس صفقة سيد معوض

الانزعاج الذي أبداه بعض كبار النقاد أمس من تمرير صفقة سيد معوض للأهلي بهذه السرعة والطريقة التي قام بها يحيي الكومي رئيس الاسماعيلي¡ ومطالبة الكاتب الكبير عبدالفضيل طه في جريدة "المساء" بأن يتم ترحيل المجالس المعينة التي لم تفعل شيئا سوى تخريب الأندية التي عينت على رأسها¡ وبعضهم من أصدقاء ومحاسيب من جاءوا بهم.. هذا الانزعاج وطلب الترحيل يستند على الشفافية الغائبة التي تحكم كرة القدم كمؤسسة ضخمة تديرها حاليا الحكومة بهيمنتها ونفوذها.
نعم.. تمت صفقة معوض بالقرب من أضواء الاعلام¡ التي كانت تتابع ما قيل إنه منافسة عليه بين الأهلي والزمالك¡ الأول عرض الدفع الفوري وفتح الطريق لتفاوض الاسماعيلي مع ثلاثة من لاعبي الرديف الذين سيتم الاستغناء عنهم¡ والثاني قيل إنه عرض مبلغا أكبر بالتقسيط¡ لكن كواليس الصفقة وأسرارها واختيارها في هذا التوقيت مع معوض بالذات الذي لا يزال باقيا في عقده عام ونصف¡ لا يعرفها إلا الكومي وإدارة الأهلي فقط.
المشكلة كلها تركزت في الشفافية الغائبة¡ لدرجة أن باقي أعضاء مجلس الكومي¡ آخر من يعلم¡ وفقط من خلال تصريحه لقناة فضائية مؤكدا الصفقة وقبضه لشيك الخمسة ملايين و700 ألف جنيه¡ وتصريح معوض الفضائي بأنه وقع للأهلي لأربع سنوات وانتهى الأمر.
وعلى طريقة الزوج الذي يخبر زوجته في ساعة أنس بأنه تزوج أخرى وليس أمامها إلا أن تقبل الضرة أو تضرب رأسها في الحيط¡ اتصل الكومي بزملائه الذين يعتقد أنهم أقل قدرا منه¡ وأبلغهم بأنه باع معوض بموافقة من اللواء سيد القماش عضو المجلس¡ وبتصديق من المحافظ عبدالجليل الفخراني.
الأكثر غرابة أن أمن الاسماعيلية كان قد أعد عدته قبل تأكيد انتقال معوض ليفرق الجموع الغاضبة التي بدأت تتكون شيئا فشيئا حتى وصلت الى قرب مقصورة النادي وامام مبنى المحافظ الذي امتنع عن الذهاب إلى مكتبه.
وبدا للجميع أن السطوة السياسية ممثلة في المحافظ وتابعه الكومي¡ والأمنية ممثلة في مديرية أمن الاسماعيلية¡ اتفقا مقدما على القرار¡ ربما عربونا لما أطلقنا عليه جميعا زيارة المصالحة التي قامت بها ادارة الأهلي للاسماعيلية. وللأسف فقد خدعنا الكومي وأعمى أبصارنا عما خطط له بتصريحاته البهلوانية والعنترية التي أصبحت فجة للغاية لا يمكن احتمالها.
لا نعرف حتى الآن كيف وافق الكومي بهذا المبلغ التافه على التفريط في لاعب قبل انتهاء عقده بوقت طويل¡ فلو أفترضنا أن معوض من رعايا الشامي رئيس بلدية المحلة كم كان سيأخذ فيه¿!..
ولا نذهب بعيدا فبتروجيت وهو ناد بترولي غني طلب من الأهلي مبلغا خياليا لانتقال أسامة محمد الذي لا يصل لمستوى ونجومية معوض¡ فأوقفت الادارة الحمراء المفاوضات وتحولت إلى الكومي وحصلت على ما تريده بتراب الفلوس¡ مع أن الرجل لو انتظر نهائيات أفريقيا وقام بتسويقه للسماسرة لكسب ضعف ما دفعه الأهلي!
نجهل تماما ما في دهاليز الكومي والمحافظ بشأن مصير لاعبي الاسماعيلي¡ فكل المفاجآت واردة. اليوم معوض وغدا عمر جمال وبعد غد بقية العقد الاسماعيلاوي¡ وذلك كله بعد أن ضحك الاثنان على الجماهير الاسماعيلاوية بأن الكومي تنازل عن 15 مليونا صرفها من جيبه¡ مع أنه كسب الكثير من حملة التلميع والورنشة بوصفه رئيسا للاسماعيلي¡ ومع أنه ثبت أنه لم يتنازل عنها حتى الآن وفق تصريحات سيد القماش!
صار الكومي قبلة للكاميرات الفضائية وأحد أبرز المشاهير¡ ولك أن تقدر ماذا يمكن أن يجني من وراء ذلك رجل يدير أعمالا واسعة ويوصف بأنه مشهلاتي يعمل في السمسرة لمشاريع الغير مقابل الملايين التي لا تعد ولا تحصى!
والمستهجن جدا أن يخرج معوض عن تركيزه مع المنتخب ليوقع للأهلي ويبتهج في الفضائيات.. فمن أضاء له الاشارة الخضراء ليفعل ذلك دون محاسبة!.. وأن يتآمر الكومي على ناد يرأسه فيهز معنوياته ويسقطها في الحضيض قبل لقاء رديفه في الكأس مع بتروجيت يوم الجمعة¡ وأن يصل إلى أقصى درجات استفزاز مشاعر سكان الاسماعيلية مستقويا بالمحافظ !
ثم يضحك على الجميع مرددا أنه خضع لما يريده معوض¡ فقد خيره بين الزمالك والأهلي واختار الأخير ووقع على تعهد بأنه لن يلعب مع الاسماعيلي مهما كانت الظروف.. ليكن ذلك صحيحا¡ فهل يفرض لاعب لا يزال متعاقدا هذا الخيار على ناديه إذا كان المبلغ أقل مما يساويه.. أبسط الأشياء أن يدفع هو الفارق من جيبه إذا كان هناك مبلغ أعلى معروضا¡ أو أن يستمر إلى نهاية عقده¡ أو أن يتم ابلاغ الفيفا عنه ليتم وقفه نهائيا ويجلس في بيته.
لن نكرر المقولة التي تقال بعد بيع كل نجم من الاسماعيلي¡ بألا تبكي الجماهير على لبن مسكوب¡ وأنه لا يوجد ناد يتوقف على لاعب واحد¡ فما حدث في صفقة معوض التي تمت بغموض وتكتم وبمقابل "بزرميط" لا يجب أن يمر مرور الكرام¡ ولا يمكن قبول رجل لم يحفظ الأمانة لأصحابها!